حساب زكاة الذهب والنصاب الواجب لإخراجها لكل عيار

اشتهر الذهب منذ القدم بكونه رمزاً للثروة والأبهة والجمال، وقد تزين به قياصرة الرومان، وأكاسرة الفرس، وفراعنة مصر، وأغنياء قريش في الجاهلية. وتم استخدامه منذ آلاف السنين كوسيلة لدفع ثمن السلع والبضائع، وذلك بسبب قيمته العالية الناجمة عن ندرته. إضافة إلى كونه غير قابلٍ للصدأ لعدم تأثره بالعوامل الطبيعية، ومن ثم تحوله إلى أداة للادخار نتيجة لكل ذلك.

فرض الإسلام الزكاة على الأموال على اختلاف أنواعها، ومن ضمنها زكاة الذهب. قال تعالى: “وفي أموالهم حقٌ معلوم للسائل والمحروم” (سورة الذاريات: الآية 19). وقال جلَّ شأنه: “خذ من أموالهم صدقةً تطهرهم وتزكيهم بها” (سورة التوبة: الآية 103). وذلك سواء أكان المال على شكل عملة نقدية كالدنانير والجنيهات والدراهم وما شابهها، أو كان ثماراً ومحاصيل زراعية، أو ماشية كالإبل والأغنام، أو على شكل معادن ثمينة مثل سبائك الذهب والمشغولات وسبائك الفضة. وذلك خدمة للتكافل الاجتماعي، وتطهيراً وتزكية للأموال والأنفس.

ويوجد مجموعة من الشروط التي يجب أن تتحقق في المال لكي تصبح الزكاة مفروضة على صاحبه. وقد تختلف هذه الشروط تبعاً لنوع المال. سنتحدث في هذه المدونة عن نظرة الدين الحنيف إلى الذهب، وعن آراء المذاهب والفقهاء في نصاب الزكاة المفروض، وتفاصيل الشروط الواجبة لأداء زكاته، والحكمة التي تنطوي عليها هذه الزكاة.

ما هي نظرة الدين الإسلامي إلى الذهب؟

لقد ورد ذكر الذهب في القرآن الكريم في ثمان آياتٍ كريمة. بعضها يذكر حب الناس لهذا المعدن النفيس وتعلقهم به، ومنها ما يذمّ أولئك الذين يكنزونه ولا ينفقونه في سبيل الله. والبعض الآخر يذكر أن المؤمنين سيُحلَّون بأساور من ذهب بعد دخولهم الجنة التي وُعِدَ بها المتقون. تدل الآيات القرآنية على المكانة المرموقة للذهب. فوعدُ الله سبحانه وتعالى للمؤمنين بأنهم سيُحلَّون بأساور من ذهب في جنة النعيم، يعزز من أهمية الذهب بأعين الناس، فالمؤمن يحب الذهب لأن الله جعله من المكافآت التي سيمنحها لعباده الصالحين. وأما بالنسبة للتزين به، فقد أباح الإسلام ذلك للنساء وحرمه على الرجال، وذلك استناداً إلى حديث نبوي شريف.

آراء المذاهب والفقهاء في نوع الذهب التي تُفرض عليه الزكاة

يجمع العلماء من مختلف المذاهب الإسلامية على أن زكاة الذهب واجبةٌ لا ريب فيها، وذلك في حال كان اقتناؤه قد تم بغرض الادخار أو التجارة، وتوفرت علاوةً على ذلك الشروط التي سنأتي على ذكرها لاحقاً. ولكن يوجد خلاف بشأن فرض الزكاة على المصوغات الذهبية التي تم اقتناؤها بغرض الزينة، ويوجد رأيين يمكن بيانهما على الوجه الآتي:

الرأي الأول: رأي الجمهور

يقول هذا الرأي بعدم وجوب زكاة الحلي المعد للاستعمال الشخصي، والذي لم تكن النية عند اقتنائه معقودة على تحقيق أهداف تجارية من قبيل الادخار وتحقيق الأرباح. وقد رُوي ذلك عن عدد من الصحابة، وهم ابن عمر، وجابر، وأنس، وعائشة، وأسماء رضي الله عنهم. وأيّد ذلك ثلاثة من أئمة المذاهب الأربعة، وهم مالك بن أنس، وأحمد بن حنبل، والشافعي.

الرأي الثاني: رأي السادة الأحناف

يقول هذا الرأي بوجوب زكاة الحلي إذا بلغ النصاب المحدد، أي الـ(85) غ، وحال عليه الحول. وقد رُوي ذلك عن كلٍ من عمر، وابن مسعود، وابن عباس، وعبد الله بن عمرو بن العاص، وسعيد بن جبير، وعطاء، ومجاهد، وابن سيرين، والزهري، والثوري.

ويظهر بعد التمعّن بهذين الرأيين، أن الأرجح هو عدم وجوب الزكاة عندما يكون الذهب مستعملاً كمتاعٍ عادي، شأنه شأن الثياب والأمتعة الأخرى الخاصة بالنساء، وعندما لا تتجاوز كميته المتوفرة لدى المرأة الكمية المعقولة التي يمكن تقديرها بالقياس إلى النساء الأخريات اللواتي يكنَّ بنفس مستواها وطبقتها الاجتماعية. ولكن يختلف الأمر فيما لو تم اقتناء المجوهرات الذهبية بغرض تنمية المال وتحقيق المنفعة والربح، والله أعلم.

لتعرف أكثر عن الطرق الأمثل للادخار بالذهب، اقرأ ما الافضل للادخار.. سبائك ام جنيهات الذهب؟

 ما هي شروط زكاة الذهب؟

يجب أن تتوفر الشروط التالية لتصبح زكاة الذهب واجبة:

• بلوغ نصاب الزكاة: ورد في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: “وليس عليك شيءٌ، حتى يكون لك عشرون ديناراً، فإذا كان لك عشرون ديناراً وحال عليها الحول، ففيها نصف دينار، فما زاد فبحساب ذلك”، ويعادل هذا في هذه الأيام اثنا عشر (12) جنيهاً ذهبياً إنكليزياً
  
• 
•  أو أربعة عشر (14) جنيهاً ذهبياً عثمانياً. وبتعبيرٍ آخر، يعادل النصاب كمية من الذهب الخالص، مقدارها يساوي خمسة وثمانين (85) غراماً.
• حولان الحول: أي أن يكون قد مضى على امتلاك الذهب فترة عام قمري كامل.
• أن يكون المالك مسلماً: يقول الجمهور بعدم وجوب زكاة الذهب على غير المسلم.
• أن يتمتع المالك بكامل حريته: فلا زكاة على الذهب المملوك لعبد. وذلك لعلة عدم تتحقق شرط الملكية التامة التي سنذكرها لاحقاً.
• أن تكون الملكية تامة: يجب ألاّ يكون للآخرين حقوقٌ مترتبة على الذهب، وأن تكون ملكيته خالصةً لصاحبه دون منازع.

كيفية حساب زكاة الذهب؟

تُحسب قيمة زكاة الذهب على أساس أنها تعادل رُبع العُشر، وهذا يعادل (2.5%) من قيمة الذهب أو كميته. وهذا موضَّح في الحديث الشريف الذي أوردناه في فقرة النصاب، والذي فرض نصف دينار من الزكاة على مبلغ العشرين ديناراً. وعلى سبيل المثال، إذا بلغت كمية الذهب مئتا (200) غرام، كانت الزكاة الواجبة خمسة (5) غرامات.

أما عن طريقة حساب زكاة الذهب بالريال السعودي نتبع الخطوات التالية:

معادلة حاسبة زكاة الذهب بالريال السعودي = مقدار ما تملكه من ذهب ولنفترض أنه “85 جرام” مقسوم على 100 مضروب فيه 2.5 ثم ضرب الناتج في سعر الذهب الحالي في السعودية وليكن مثلا 240 ريال سيكون مقدار زكاة الذهب بالريال هو 510 جنيه.

ما هي كيفية تأدية زكاة الذهب؟

يمكن دفع زكاة الذهب بإحدى الطريقتين التاليتين:

• إخراج الزكاة من الذهب نفسه: فبعد حساب مقدار الزكاة الواجبة، يتم اقتطاع عدد الغرامات الواجبة من الذهب المملوك، ويتم دفعها لمستحقيها.
• يمكن حساب سعر الغرامات الواجب تقديمها للزكاة بعملة البلد الذي يعيش فيه مالك الذهب، وفقاً للسعر الرائج بتاريخ الاستحقاق، ومن ثم يتم دفع المبلغ الناتج عن ذلك للمستحقين.

لتبق على اطلاع دائم على سعر الذهب في السعودية اليوم، فعّل جرس التنبيه الخاص بسبائك لنقدم لك كل ماتحتاجه من تغير في أسعار السوق بكل سرعة ودقة.

من هم المستحقون لزكاة الذهب؟

يمكن أن يؤدي المسلم زكاة الذهب لنفس الفئات المذكورة في الآية الكريمة: “إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل فريضةً من الله والله عليمٌ حكيم” (سورة التوبة: الآية 60).

ملاحظات يجب مراعاتها عند حساب مقدار زكاة الذهب

تحسب الزكاة على الذهب الخالص المملوك، فعند القول بأن النصاب هو (85)غ، فالمقصود (85)غ من الذهب ذي العيار (24) قيراط. ولهذا فعند امتلاك قطع ذهبية من عيارات مختلفة، يجب معرفة نسبة الذهب الخالص الموجودة في كل عيار. فمثلاً بالنسبة للذهب عيار (21) قيراط، تشكل نسبة الذهب الخالص (87.5%) من وزن القطعة. بينما تبلغ هذه النسبة (75%) فقط في قطعة الذهب من عيار (18) قيراط. ويجب النظر إلى هذا عند ما يُراد معرفة تحقق شرط بلوغ النصاب من عدمه.

ما هي الحكمة من فرض زكاة الذهب؟

إذا كان الغرض من فرض الزكاة بشكل عام تحقيق التكافل الاجتماعي، وزيادة الرحمة والترابط بين أفراد المجتمع، وتطهير الأنفس وتزكيتها، فإن لزكاة الذهب، برأينا، هدف إضافي آخر. يتمثل هذا الهدف بتحريك النشاط الاقتصادي، والتشجيع على دوران رأس المال من خلال الاستثمار وتنفيذ المشاريع، وعدم التردد في خوض غمار عالم الأعمال.

الأسئلة الشائعة حول زكاة الذهب

في الختام، بيّنا في هذه المدونة نظرة الإسلام الحنيف إلى الذهب، والآراء المتعلقة بالنوع الذي يجب دفع زكاته. كما تطرقنا إلى شروط زكاة الذهب، وإلى مقدار قيمتها، والمستحقين لها، وطرق أدائها، كما بيّنا الحكمة من فرضها. ثم ذكرنا الملاحظات المتعلقة بعيارات الذهب التي يجب مراعاتها عند التأكد من تحقق شرط النصاب، وعند حساب مقدار الزكاة الواجبة. نأمل أن تكون هذه المدونة مفيدةً للذين قد يحتاجون للحصول على بعض الإيضاحات بخصوص هذه الفريضة.

إذا كان لديك أي أسئلة حول نصاب الزكاة أو شروطها او كيفية حسابها أو زكاة الفضة فقط قم بحجز جلسة استشارية مجانية معنا.